نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 2 صفحه : 381
قوله تعالى: فَإِنْ تَوَلَّوْا فيه قولان: أحدهما: أنه فعل ماض، معناه: فان أعرضوا: فعلى هذا، في الآية إِضمار، تلخيصه: فان أعرضوا فقل لهم: قد أبلغتكم، هذا مذهب مقاتل في آخرين. والثاني:
أنه خطاب للحاضرين، وتقديره: فان تتولَّوا، فاستثقلوا الجمع بين تاءين متحركتين، فاقتُصر على إِحداهما، وأسقطت الأخرى، كما قال النابغة:
المرءُ يَهْوى أَنْ يَعْي ... شَ وطُوْلُ عَيْشٍ قدَ يَضُرُّهْ
تَفْنَى بَشَاَشُتُه ويَبْ ... قَى بَعْد حُلْوِ العَيْشِ مُرُّهْ
وتَصَرَّفُ الأيّامُ حت ... ى ما يَرَى شيئاً يَسُرُّهْ
أراد: وتتصرف الأيام، فأسقط إِحدى التاءين، ذكره ابن الأنباري.
قوله تعالى: وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ فيه وعيد لهم بالهلاك. إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ فيه قولان: أحدهما: حفيظ على أعمال العباد حتى يجازيَهم بها. والثاني: أن «على» بمعنى اللام، فالمعنى: لكل شيء حافظ، فهو يحفظني من أن تنالوني بسوء.
[سورة هود (11) : آية 58]
وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ (58)
قوله تعالى: وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا فيه قولان: أحدهما: جاء عذابنا، قاله ابن عباس. والثاني: جاء أمرنا بهلاكهم. قوله تعالى: نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا فيه قولان: أحدهما: نجيناهم من العذاب بنعمتنا. والثاني: نجيناهم بأن هديناهم إِلى الإِيمان، وعصمناهم من الكفر، روي القولان عن ابن عباس. قوله تعالى: وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ أي: شديد، وهو ما استحقه قوم هود من عذاب الدنيا والآخرة.
[سورة هود (11) : آية 59]
وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (59)
قوله تعالى: وَتِلْكَ عادٌ يعني القبيلة وَعَصَوْا رُسُلَهُ. لقائل أن يقول: إِنما أُرسل إِليهم هود وحده، فكيف ذُكر بلفظ الجمع؟
فالجواب من ثلاثة أوجه: أحدها: أنه قد يذكر لفظ الجمع ويراد به الواحد، كقوله: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ والمراد به النبيّ صلى الله عليه وسلم وحده. والثاني: أن من كذَّب رسولاً واحداً فقد كذَّب الكلَّ. والثالث: أن كل مرة ينذرهم فيها هي رسالة مجدَّدة وهو بها رسول.
قوله تعالى: وَاتَّبَعُوا أي: واتبع الأتباع أمر الرؤساء. والجبار: الذي طال وفات اليد.
وللعلماء في الجبار أربعة أقوال: أحدها: أنه الذي يقتل على الغضب ويعاقب على الغضب، قاله الكلبي. والثاني: أنه الذي يجبر الناس على ما يريد، قاله الزجاج. والثالث: أنه المسلَّط. والرابع: أنه العظيم في نفسه، المتكبّر على العباد، ذكرهما ابن الأنباري. والذي ذكرناه يجمع هذه الأقوال، وقد زدنا هذا شرحاً في (المائدة) . وأما العنيد: فهو الذي لا يقبل الحق. قال ابن قتيبة: العَنود، والعنيد، والعاند: المعارض لك بالخلاف عليك.